شهد لبنان منذ عقود على أسلوب ونهج إدارة للدولة ومؤسساتها قائم على الزبائنية والمحسوبيات بديلًا عن الحقوق والكفاءة، ذلك بهدف تحقيق الأرباح وإعادة تدوير السلطة.
نظام قام على تجاهل القوانين وتغييبها وخرق الدستور بشكل سافر ومتكرر من قبل طبقة سياسية تقاسمت منافع السلطة وتحاصصت الصفقات والتوظيفات والأموال العامة،
وتحصّنت بعناوين طائفية تلاعبت بها على هواجس اللبنانيين ووضعت مختلف مكوّنات المجتمع في مواجهة بعضها البعض خدمةً لمشاريع إقليمية ومنافع فئوية وفردية.
أدى ذلك إلى انهيار كل مقوّمات الدولة ومؤسساتها،
وتم التخلّي عن السيادة الوطنية بفعل السلاح غير الشرعي ونهب المال العام والأموال الخاصة من قبل حفنة من الفاسدين. وعجّلت المحاصصة الطائفية والحزبية الإنهيار ودمّرت الاقتصاد والخدمات العامة.
إنّ مسؤولية الإنهيار تقع على كافة العهود والحكومات والمجالس النيابية المتعاقبة فقطعت الطريق أمام آليات المحاسبة الشعبية
من خلال تعليب قوانين الإنتخاب لمصلحة محادل الطبقة السياسية، وأمام المحاسبة القانونية من خلال القضاء عبر التدخّل السافر في عمله وتعيين القضاة والتشكيلات القضائية.
التغيير لا يتحقّق سوى بتبنّي رؤية شاملة للإصلاح السياسي والمؤسسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي والثقافي، ومن خلال العمل الجماعي والمتكامل بين مجموعة وازنة من النواب المعارضين داخل المجلس النيابي، الممثلين الفعليين لمصالح مختلف الفئات الاجتماعية من جهة ومن جهة ثانية التشاور المستمر والمشاركة الشعبية الفاعلة والمنتجة. من هنا تأتي الحاجة لفوز عدد مقبول من المرشحين حاملي المشروع التغييري. من شأن هذه الكتلة أن تتصدّى لقوننة الفساد في المجلس النيابي، وإيصال حكومة مستقلّة ومراقبة أدائها، تعمل على تنفيذ خطة للتعافي الاقتصادي، توقف الإنهيار أولًا ومن ثم تعالج الأزمة ونتائجها الكارثية على المواطنين.
مشاكل أساسية أوصلت المواطن إلى درجة الإنفجار بعدما أوصلت لبنان لما هو أدنى من الإنهيار. العمل على معالجة هذه الملفّات يعيد اللبنانيين إلى درجة التمكّن من الصمود في مواجهة الأزمة الإقتصادية التي سبّبتها السلطة وتعجز اليوم عن معالجتها.
لا يمكن للدولة أن تقوم دون عقد اجتماعي سياسي بين مكوّنات هذه الدولة هو الدستور. إنّ شرط وجود الدستور ليس كافيًا لاستقرار المجتمع بل الشرط الأساس هو تطبيقه واحترامه فعليًا لا نظريًا، لذلك فإنّ لا قيام للبنان إلّا عبر إعادة الاعتبار إلى الدستور اللبناني وتطبيقه حرفيًا وتطويره فيما بعد لمعالجة الثغرات فيه عبر إعطاء المجلس الدستوري حق تفسيره واقتراح التعديلات التقنية التي تسدّ الثغرات فيه.
بيروت تفتقد الكثير. تفتقد التعاطي معها على أساس أنّها العاصمة السياسية والاقتصادية للبنان. إنّ استعادة السلطة التنفيذية للبلدية هو حق لا بديل عنه لإنماء المدينة، ويساهم في تنفيذ المشاريع المطروحة بشكل مباشر. من هنا، لا بد من إيجاد حل نهائي وحاسم لمشكلة الصلاحيات المزمنة بين المحافظ والمجلس البلدي من خلال تعديل قانون البلديات وتحديدًا المادة 67 منه التي تولي المحافظ السلطة التنفيذية عوضًا عن رئيس البلدية خلافًا لكافة بلديات لبنان. من جهة أخرى، فإنّ تفعيل العمل البلدي يتطلّب:
العاصمة الذكية
بيروت منارة الشرق. عنوان يعتقد البعض أنّه عاطفي. بيروت كانت وجهة الشرق الاقتصادية، بمرفئها ومطارها وموقعها الجغرافي. إعادة بيروت لدورها الجيو-اقتصادي يكون من خلال تعزيز الخدمات وتخفيض كلفتها وتوفير الفاعلية والفعالية واعتماد الحكومة الإلكترونية، لا يتحقق ذلك سوى من خلال مشروع حكومي مدعوم بتشريع سلسلة قوانين تتيح جذب الاستثمارات ضمن سياسة ضريبية تشجيعية وتحفيزية وببنية تحتية سليمة تنقل المدينة نحو الشكل العصري للمدن الذكية والرقمية الحديثة.